"فايننشيال تايمز": الانتخابات البريطانية تضع "جوهراً" للخطاب الفارغ للسياسة المناخية

"فايننشيال تايمز": الانتخابات البريطانية تضع "جوهراً" للخطاب الفارغ للسياسة المناخية

يتمثل الاختبار الرئيسي للأحزاب المتنافسة في انتخابات المملكة المتحدة هذه، في ما إذا كانت لديها خطط جادة للتحول إلى الطاقة الخضراء في البلاد.

ووفقا لصحيفة "فايننشيال تايمز" يتمثل ذلك في: ماذا سيفعلون لمكافحة تغير المناخ والتهديدات الوجودية المتمثلة في المجاعة والهجرة الجماعية؟ وتحديد أي خطط من هذا القبيل تحتاج للحفاظ على إمدادات الطاقة آمنة، مع الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة واحتواء التكاليف.

وتشير أفضل التقديرات إلى أن هذا سيتطلب استثمار نحو 3.5 تريليون دولار سنويا على مستوى العالم، ولن يكون هذا مقبولا إلا إذا تمكنت المملكة من جعل التحول في مجال الطاقة عادلا، سواء في جميع أنحاء العالم أو على المستوى الوطني، ولهذا السبب فإن الاستثمارات في العلوم والتكنولوجيات التي تقضي على الانبعاثات بتكلفة منخفضة تشكل أهمية بالغة.

ووفقا لـ"فايننشيال تايمز"، يمكن هنا للمملكة المتحدة، والحكومة المقبلة، أن يكون لها تأثير عالمي غير متناسب إذا اتخذت القرارات الصحيحة.

وتشكل المملكة المتحدة مصدرًا لما يزيد قليلاً على 1% من انبعاثات العالم، لكنها منذ فترة طويلة تضع أفكارا لإنتاج واستهلاك الطاقة بطرق جديدة، والالتزام المتجدد بالبحث والتمويل في عدد قليل من المجالات ذات الإمكانات الهائلة، مثل تكنولوجيا تخزين الطاقة وأنظمة إمدادات الكهرباء القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وبدأت المملكة تطبيق ونشر بعض وسائل الحد من الانبعاثات العالمية، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، تالتي توسع بسرعة بالفعل بفضل التخفيضات الكبيرة في التكاليف.

ويمثل الطموح الذي تم تبنيه في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) بدبي، المتمثل في زيادة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات على مدى السنوات الست المقبلة، بداية جيدة ولكنه ليس كافيا، ويجب أن تكون الخطوة التالية هي توفير تخزين طويل الأمد على مستوى الشبكة لكل تلك الكهرباء.

وتوفر الكهرباء حاليا خمس الطلب النهائي على الطاقة في المملكة المتحدة، وينبغي أن يكون الهدف مضاعفة ذلك في غضون عقد من الزمن.

ووفقا للصحيفة البريطانية، بوسع الحكومة المقبلة أيضاً أن تكون مثالاً يحتذى من خلال وضع جوهر وراء بعض الخطابات الفارغة التي كثيراً ما تعتبر سياسة مناخية، وأن تكون واقعية.

ومن المتوقع أن يكون تحول الطاقة أبطأ مما يود كثيرون، ستحتاج المملكة إلى النفط والغاز لسنوات عديدة قادمة، لأن هذا يوفر مصدرا هاما للطاقة، والتي يجب إنتاجها واستهلاكها بطرق مسؤولة.

ولكن ينبغي للمملكة أن تدعو إلى التوقف، حيث تعزز مثل هذه الخطوة "نية" المملكة للوصول إلى صافي الصفر وإظهار القيادة في الوقت المناسب

ويعد أمن الطاقة مهما، لكن على الحكومة المقبلة أن تدرك أن ذلك لا يعتمد على اكتفاء المملكة المتحدة ذاتياً، وسوف تستمر في الحاجة إلى استيراد النفط والغاز، وتتلخص المفاتيح الحقيقية للأمن في ضمان حصولنا على مصادر متنوعة للإمدادات، والعمل على خفض الواردات بشكل مضطرد من خلال تطوير البدائل منخفضة الكربون.

ووفقا لـ"فايننشيال تايمز"، يتعين على الساسة أيضاً أن يضمنوا استخدام العائدات المتأتية من إنتاج النفط والغاز المتبقي في الجرف القاري في المملكة المتحدة لتسريع عملية التحول، وهذا يعني المزيد من الاستثمار في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وفي البنية التحتية، بما في ذلك التخزين طويل الأجل، الذي يمكن أن يجلب تلك الإمدادات إلى السوق.  

كما نصحت الصحيفة، الساسة بالمزيد من الاستثمار والأبحاث في مجال إزالة ثاني أكسيد الكربون بكفاءة، وكذلك الانشطار النووي والاندماج النووي المتقدم، وتطوير الهيدروجين الأخضر لصنع الأسمدة ويصبح مصدرًا للحرارة الصناعية.

وكل هذا يتطلب المال، ومع محدودية الإنفاق العام أو الاقتراض حتما، فإن الاستثمار الخاص سوف يشكل ضرورة أساسية، وسوف تساعد الحوافز مثل مخصصات رأس المال المستهدفة.

ويجب على الحكومة المقبلة أن تفكر أيضًا في البنية التحتية للنفط والغاز لدى المملكة: حيث تقدر تكاليف إيقاف تشغيلها بنحو 40 مليار جنيه إسترليني، مع استحقاق نصفها في غضون السنوات العشر المقبلة، ولم يتم تحديد الجدول الزمني لإزالة خطوط الأنابيب والمنصات على الإطلاق، ولا يوجد تعريف دقيق لـ“إيقاف التشغيل”.

إن تحقيق صافي الصفر في المملكة المتحدة بحلول عام 2050، أو في أقرب وقت ممكن، لن يكون بالمهمة السهلة، ولكن من خلال التحلي بالحس العملي، وروح التفاؤل العقلاني، والاستعداد في مختلف أنحاء القطاعين العام والخاص للعمل معا، يصبح بوسعها تحقيق هذا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية